محمد حامد جمعة يكتب..الشعب الجنقوجورو

1
حدد لي أحدهم _قبل سنوات _ موعدا لمقابلة صحفية تخير لبرنامجه الممتلئ أن تكون بعد تمرين رياضي باحد اندية النخبة والذي دخلته بعد فحص وتدقيق كان ان يشتمل على شم كلب بوليسي ! حينما عبرت الإستقبال وجدت نفسي في جنة على الارض . اناس بيض وسمر بأردية وقبعات وعطور فواحة والسنة لا تنطق العربية إلا قليلا ! حتى العمال كانوا عمالة وافدة رمقوني وكانهم لمحوا شيطانا ؛ فاضطررت لتشذيب نافر شاربي ومسحت صلعتي بعرق إضطرابي ولعنت غبار حذائي الذي جعل حشائش النادي تسعل ! جلت في المكان بعد ان عبرت مسبحا تناثرت عليه أجساد مثل حلاوة لكوم ؛ معفرة بالدقيق ! فغضضت بصري وريقي يسيل ! حتى وصلت مبتغاي عند ملعب تنس ! لمحت وجوه باهرة وأسماء عظيمة في عالم البزنس والسياسة يتراشقون بكرة خضراء ؛ يلعبون التنس بمهارة محترف إنجليزي ؛ كل واحد منهم ارتدى (شورت) يكتظ بالكرات ! وحكم يقوم في جانب السارية . مرة يصفر،ومرات يهتف بجملة اعجمية
2
لمحني صاحبي وقد جلست القرفصاء في جانب الملعب فغمز لي باصبعه وقبل ان ارد اتاني عامل مليح السمت بكوب عصير عريض المنكبين . باذنين مثل كؤوس الدوري الاسباني للكرة ! لم اكن قد تغديت ؛ اظن اني يومها افطرت بشلو ساندوتش طعمية ممزع وحبست بكوب ماء من بائع جوال للسقيا ؛ فكنت في غاية الجوع والعطش فلزمت اناء العصير الخرافي المذاق . ارتويت وشبعت . لابد انه مشروب متميز إذ بعد ان دلقته في جوفي شعرت برغبة في النوم . إذ شعرت انه مثل المس المبارك يزيل الرهق والارق . ثم طردت الخاطرة وتابعت المباراة حتى انتهت بعد ان مارست نفاق التصفيق مجاراة للقوم . بعدها قابلت رجلي الذي بعد ان تبادل تهاني الفوز جلس الي ومنحني اقوال عجلى عن حال البلد المأزوم ومعاش الناس والحريات والسلام وتلك القصص ثم إستاذن للحاق بندوة ضمن مجموعة رجال أعمال عن المراسلين الصيارفة ولقاء بعده مع كتلة معارضة وجماعات مجتمع مدني حول مسالة ما ! الغريب ان غالب ضيوف المنشطين كانوا في مباراة التنس في تلك الجنة !
3
حينما خرجت وبلغت قاع مدينتي حيث حينا الشعبي التقيت شاب من نادي الرجل السياسي وفريقه . كنت قد جلست لاطلب صحن فتة . مأدبة الفقراء ليلا وجلبه ما جلب او ابو هريرة وأخرجه . تشاركنا صحن الفتة . حدثني عن حال البلد والناس والفجر وليال النصر العشر وحدثته كذلك عن ذات الافكار الجميلة التي حولناها لزيت لطعامنا بعد ان رفض صاحب المطعم اللئيم (أدم) ان يرشق فتتنا ببعض اللزوجة لاننا استنفذنا وسع الطلب .
بعدها باديس ابابا قبل ثلاثة أعوام او أربعة . كانت مفاوضات السلام قد إنهارت ؛ إكتفيت برسالة مختصرة للصحيفة وخرجت اطلب طريقي من كسانجس الى حافة بولي ؛ راجلا . لمحت وفد الحكومة يعبرني في فارهات الى بيت السفارة . وسيارات سوداء اخرى تقل زعماء التمرد الى شيراتون العامودي . في الظلمة لمحت خيال صديقي (فلان) شاب،ومناضل حقيقي وثائر . اعرفه بالخرطوم وفي مهجره ؛ كانت الامطار ترافقتا
4
تصافحنا . سالته عن اسرته . كلازمة سؤال معتاد في اعرافنا . شعرت به موجوع الإجابة . بالطبع لم نكن نملك ترف تفاصيل الحكايات . لمته على تعنت حركته . صمت ولم يجب سالته لماذا لا تذهب للشيراتون لم يجب . نظرة ونظرتين تيقنت انه صديقي الذي اعرف . المسالة عنده موقف وقضية وليس مخصصات . سرنا ننعطف من زقاق وصخرة وعلبة ليل حتى بلغنا (شيشينا) او شاينا تاون في أديس . هناك العيش رخي وباذخة بمئتي بر وقتها تنال وجبة (تبس) وإن كنت من اصحاب الكيف فالبيرة توزن من البراميل وان كنت تحب الشجار فالشفاتة بالمئات . جلسنا تحدثنا عن الفجر والافكار العشر . عن المدارس والكراريس والشفخانات وعن السودان الحلو وافترقنا ! حينما بلغت سكني وراجعت رسائل الواتس كان زعيم عظيم يتحدث عن الاغاثة للناس في الهامش والحقوق القومية . كنت اضحك لاني اعلم انه لحظة التصريح كان في مقعد فاره على طائرة جرمانية يتجه الى قلب اوربا . ليعود اسرته ويعمل شيك اب طبي . وهكذا اولئك الساسة نبلاء مترفون ..والعوام المخلصون جنقوجورو
فلا يغرنكم كل ما يجري ..النبيل سيظل نبيل والعامي ..جنقو وان تضخمت الشعارات

Related posts